المواطنة
الوطن والمواطنة
الوطن الأول لكل إنسان هو رحم أمه، ثم يخرج إلى وطنه الثاني وهو أسرته، ثم يكبر ليجد نفسه في مجتمع. وخلال هذه الرحلة يقل اعتماده على من حوله قليلا قليلا، حتى يصل إلى حالة من القدرة على العطاء لنفسه ولمن حوله.. في المرحلة الأولى تعطي الأم من دمها غذاء له، وفي المرحلة الثانية تعطي الأسرة من وقتها ومالها وجهدها تربية له، وفي المرحلة الثالثة يعطي المجتمع من خلال مؤسساته التعليمية قدرات تمهيدية وتنموية؛ ليصبح هذا المواطن في النهاية قادرا على المشاركة في بناء هذا المجتمع.
في الوطن الأول (رحم الأم) لا يملك هذا الوطن إلا أن يعطي من دم الأم طعاما لهذا المواطن الصغير، فليست عنده حرية اختيار أن يعطي أو أن يمنع، ثم إذا خرج هذا المواطن من رحم أمه إلى أسرته تلعب العاطفة دورا هاما في عملية العطاء، ويكبر الإنسان ويصبح حقه عند المجتمع مرتبطا بظروف هذا المجتمع التنظيمية والمادية والإنسانية والمواثيق الاجتماعية المستقرة فيه.
الحقوق والواجبات في المواطنة
الحقوق في ساعات الضعف والواجبات في ساعات القوة والوفرة، وكل حق معه واجب، ومهما كانت ظروف المجتمع فإن كل مواطن فيه أخذ حقا من خلال أمه وأسرته ومجتمعه، ومن ثم فهو مدين بصورة أو بأخرى لهذا المجتمع، وفي رقبته حقوق لا بد من أن يؤديها بالسعي في خدمة مجتمعه بالقدر الذي يستطيعه.
وليس هناك مواطن عالمي يقول أنا تربيت في مصر ولكني سأرد دين هذه التربية في موزامبيق.. كل إنسان مدين لمجتمعه الذي نشأ فيه أولا.
سلم المواطنة
قلنا إن المواطنة حقوق وواجبات، وهذه الحقوق والواجبات مرتبطة بسلم المواطنة، ولأن كل إنسان نشأ في أسرة، وهذه الأسرة جزء من مجتمع، والمجتمع جزء من عالم، فإن واجبات الإنسان أيضا تبدأ من أسرته مرورا بمجتمعه وانتهاء بعالمه، وذلك بدرجات مختلفة. وهنا نوع من المواطنة اسمه المواطنة البيئية، حيث ينشأ الإنسان في بيئة طبيعية ذات خصائص معينة أكسبته خصائص بدنية ونفسية بعينها.. هذه البيئة التي جعلها الله موطنا لهذا الشخص لها حقوق وعليه واجب البر بها، جمادا ونباتا وحيوانا.
والله الموفق.